الاثنين، 25 مارس 2013

الوصف و الرمز و الإسقاط السياسي في قصة ( سمراء ) .. للأديب / ضياء الشرقاوي

الوصف و الرمز و الإسقاط السياسي في قصة ( سمراء ) .. للأديب / ضياء الشرقاوي 

 



بقلم / أحمد حنفي


 أ ـ القصة..


                                                             سمراء


  صباح مشرق ونسيم رقراق يحومان حولها .... سمراء باهرة الجمال يعرف بقدومها اهل الحارة في قعقعة قدميها ....... رواد المقهي متصلبون كل يطلق سهام نظراته في عشق ورغبة..... متلفلفة " بملائتها " فتحكم عند خصرها وتمسكها بيد عند وجنتها ..... يتواري وجهها المستديرفي حياء وخجل خلف خيوط من حرير متشابكة .... تستقر ب...ه لؤلؤتان بينهما قطعة ذهبية .... كالريع في الغاب يتربص بها الصياد لينال منها ..... ويبيت محبوبها ارقا وقلقا ليحميها .... كبرياء وغرور وتلويح بقوة السلطان تقدم " صول القسم " لينالها ..... واشطاط غيظا وانتفخت اوداجه حين نازعه غيره .....أضمر في نفسه مكيدة تجعله سيد لها..... بيتها تأكله الناررسالة لها اما الطاعة واما العذاب .....



ب ـ الوصف و أسلوب الكادرات المتلاحقة ..



 اعتمد الأديب ضياء الشرقاوي في وصفه السردي على أسلوب يمكن أن نسميه بالكادرات المتلاحقة ، تلك الكادرات التي حين نجمعها مع بعضها البعض نستطيع رؤية المشهد بكل وضوح و من كافة جوانبه دون أن نشعر بملل في السرد أو خلل في البناء الناتج عن الإطالة .. و هو ما يتميز به ذلك النوع من الوصف .
لكن ما هو ( الكادر الوصفي ) .. ؟

 حقيقة كان ذلك الأسلوب في السرد يشغلني دائما و يضعني أمام لحظات طويلة من التأمل لأتعجب بعدها و أتسائل كيف استطاع السارد أن يضمن كل تلك المعاني اللا نهائية في جمل بسيطة ؟ .. و كيف لتلك المشهدية أن تتجزأ لوحدات بنائية أصغر .. بشرط أن تكون تلك الوحدة الأصغر مكتملة البناء في ذاتها ، صالحة لأن تصير سردية مستقلة إذا ما انتزعت من سياقها ، و أن تكون في جملة واحدة لا تعدوها ..
بل إن أكثر ما أدهشني في تلك التأملات هو تراتبية تلك الوحدات البنائية الأصغر من المشهد الكلي ؛ إذ من الممكن تغيير ترتيب تلك ( الجمل / الكادرات ) ليتغير معها ما يمكننا تسميته بـ ( ظل المعنى )
و على ما سبق يمكن أن أعرف لكم ( الكادر الوصفي ) بأنه .. << أصغر وحدة مكونة للمشهد السردي تمثل لقطة تصويرية مكتملة البناء مصاغة في جملة واحدة >>
و يمكن لهذا الكادر أن يحمل بعدا نفسيا أو زمنيا أو مكانيا أو وصفا حسيا أو تجسيدا لمعنوي أو أنسنة لشئ معين .... إلخ
و لعل قصتنا التي بين أيدينا تمثل أنموذجا لا بأس به ؛ إذ اعتمد السارد هنا على أسلوب الكادرات الوصفية لتصدير حالة السردية إلى ذهن المتلقي بشكل مباشر دون اللجوء للجمل السردية المطنبة و دون الإسهاب الزائد ..

 و لقد صدر قصته بذلك الكادر الوصفي (( صباح مشرق ونسيم رقراق يحومان حولها ....))
و هو في حقيقة الأمر كادر ملغز ؛ إذ أنه يصف حالة الصباح ذلك المشرق الدافئ الذي يبعث على النشاط و الحيوية و التفاؤل .. و إلى غير ذلك من دلالات تنفتح عليها دالتي الصباح و الإشراق ، و يصف كذلك حالة الجو الرائعة و النسيم العليل المنعش .. و قد عمد على أنسنة الصباح و النسيم و جعلهما يتحركان حوالي تلك التي يعود عليها ضمير الغائبة في قوله ( حولها ) ..
و بذلك الكادر الوصفي استطاع ضياء الشرقاوي أن يجذب انتباهنا و يعصف بأذهاننا لنتساءل عن ماهية تلك الأنثى التى يغازلها الصباح و يداعب محياها النسيم و هو ما يشي بجمالها الأمر الذي يعد توطئة من السارد ليصف ذلك الجمال في كادر وصفي لاحق مما ينم عن وعي و إدراك متلازمين امتلك ضياء الشرقاوي ناصيتيهما أثناء ممارسته للكتابة .
و هكذا انتقل الشرقاوي إلى الكادر الثاني في خفة و رشاقة و قد أفاد من الكادر الأول حيث أن تلك الأنثى التي مثلت لغزا أصبحت هي بطلة ذلك الكادر ـ بل بطلة القصة أيضا ـ و راح يعرفنا بها معللا من طرف خفي ما أقدم عليه الصباح و النسيم نحوها .. يقول :
(( سمراء باهرة الجمال يعرف بقدومها اهل الحارة في قعقعة قدميها .......))
الحقيقة أن ذلك الكادر على بساطته قد استطاع تقديم الكثير من المعلومات عن تلك الأنثى فهي سمراء اللون مما يشي بمصريتها المتعمقة بها حتى النخاع ، جميلة ، غنوج في مشيتها ، معلومة للجميع لا يجهلها أحد .. و بالتالي فقد أنشأ الشرقاوي علاقة بين سمرائه و أهل حارتها لكنها علاقة سلبية من طرف واحد فقط .
من هذه العلاقة ينطلق بثالث كادراته واصفا رواد المقهى حين تقع عيونهم عليها .. يقول :
(( رواد المقهي متصلبون كل يطلق سهام نظراته في عشق ورغبة....))
و هى لقطة تؤكد على تلك العلاقة السلبية ؛ إذ أنهم يرغبونها بينما هى لا تكترث .
و تتتابع الكادرات التي يصف فيها السارد سمرائه حينا و يصف رد فعلها نحو نظراتهم حينا و يعود ليصفها حينا آخر في كادرات سريعة و متتابعة و متلاحقة تتسم بالرشاقة في العرض و الجمال في التصوير مستفيدة من الصورة الفولكلورية لبنت البلد المصرية مما يجعل الصورة أقرب لذهن القارئ .
لكن الحال لم يكن ليسير على ذات المنوال ، فسرعان ما فاجأنا السارد بكادر يمثل نقطة التحول في المسار السردى ؛ و ذلك حين دخل ( صول الشرطة ) في دائرة مغرميها الأمر الذي قلب كفة ميزان القوة لصالحه اعتمادا على بطش الشرطة و ظلمهم للعامة و استغلال النفوذ لفرض السيطرة و إملاء الشروط .. يقول :
(( كبرياء وغرور وتلويح بقوة السلطان تقدم " صول القسم " لينالها .....))
و كما استطاع الشرقاوي تصوير سمرائه ببراعة استطاع كذلك أخذ لقطة قريبة CLOSE بعدسة قلمه لذلك الصول الظالم الغاشم المتكبر بسلطته المغرور بجبروت ساداته ، كما كان موفقا إلى حد بعيد في اختيار لفظة ( ينالها ) فهى تنم عن أخذ الشئ بالقوة و لو أنه قال مثلا ( ليخطبها ) لكان ذلك غير ملائم لكبريائه و غروره لأن طلب خطبته لها يحتمل الرفض أما أن ينالها فقد نفي تماما أي خيار لها سواء بالقبول أو الرفض .
و تتجلى براعة السرد في إعمال الشرقاوي لآلته التصويرية في أكثر من زاوية .. فها هو يصف غضبه حين نازعه أحدهم على قلبها .. و يصف مكره و كيده و خداعه ( وصف داخلي لنفسيته ) حين حاك مؤامرته ليخضعها له .. يقول :
(( و اشطاط غيظا وانتفخت اوداجه حين نازعه غيره .....أضمر في نفسه مكيدة تجعله سيد لها.....))
و الكادر الأخير هو اللقطة التي حدثت فيها المؤامرة .. ليضع الشرقاوي الخيارين بين أيدينا إما الطاعة و إما العذاب ..
و نلاحظ تلك النقلة الزمكانية في ذلك الكادر الأخير ؛ حيث نقلنا فجأة أمام منزلها لحظة التهام ألسنة النار له في ضراوة ليست بغريبة على قلب صول السلطة الغاشم ليحقق عنصر المفاجأة لنا مما يجعلنا واقفين على نفس الجانب الذي تقف فيه سمرائه مندهشين غير مصدقين يملأنا إحساس هو مزيج من انفعالات الدهشة و الخوف و الغضب و الكراهية و الانتقام .
وهكذا استطاع الشرقاوي استخدام أسلوب أطلقنا عليه ( الكادرات الوصفية ) و التي مثلت لقطات مستقلة مصاغة في جمل مستقلة لا يوجد بينهم رابط لفظي تنتج في مجملها مشهدية متعددة الزوايا و الأبعاد ..



ج ـ الرمز و الإسقاط السياسي ..


 يمكننا القول أن الأدب مرآة لهموم الوطن .. و رغم إيماني الراسخ بأن جودة العمل الأدبي لا يشترط فيها التزام الأديب بقضايا عصره و هموم أمته ، إلا أنني أستمتع كثيرا بذلك النوع من الأدب الذي يناقش همومي و قضاياي مستخدما الرمز طريقه لذلك و الإسقاط السياسي منهجا ومسارا .
و بالرغم من أن الإسقاط السياسي يلجأ إليه الأديب خوفا من السلطة الغاشمة إذ يحمل الرمز دلالات يمكن خلعها على الواقع تلميحا دون التصريح ، إلا أن الشرقاوي لجأ إليه ليعبر عن أزمة الوطن السياسية و التي نحياها بدء من ثورة 25 يناير حتى بدايات الربع الثاني من عام 2012 .
و نحن الآن نعيش عصرا من الحرية لم نعتده من قبل ـ على الأقل حتى لحظة كتابة هذه السطور ـ يستطيع أي فرد قول ما يحلو له بحرية و صراحة و انتقاد من يريد أن ينتقد .. لذا يطل علينا سؤال برأسه .. لم لجأ الشرقاوي للإسقاط السياسي في الوقت الذي يمكن أن يقول فيه رأيه بصراحة دون أن تمس منه شعرة واحدة ..؟!!!
لعل الإجابة تكمن بكل بساطة في كلمتين اثنتين .. إنه الفن !
أليست هذه السمراء بنت البلد هى ( مصر ) ؟ .. و هؤلاء الذين ينظرون إليها بحب و إعجاب و رغبة هم ( الطامعون الطامحون للسلطة و السيطرة عليها ) ؟ .. و ذلك الصول الغاشم المتمتع بالنفوذ الممتلك لأساليب الترغيب و الترهيب هو ( كل من يحاول وأد ثورتها و تسيير شعبها بالقوة و التخويف ) ؟ .. أو ربما قصد ( المجلس العسكري ) أو ( عمر سليمان ) أو ( الفلول ) .. إلى آخر هذه النماذج السلبية ..
الفن هو من جعله يلجأ للتلميح و المواربة دون التصريح ليحتفظ النص بطزاجته على مر الأيام .. و لكي يطلق لقلمه العنان ليحلق في فضاءات التصوير و يبحر في خضم الدلالات .
إنه الفن الذي امتلك الشرقاوي مفتاحه توا و ولج داخله باحثا عن مساحات نفوذ خاصة به أراه و قد بدأ يتحسسها قبل أن يتربع على رباها مطلقا لقلمه العنان ..
و الله الموفق ..


 

أحمد حنفي
الإسكندرية – 13 نيسان 2012

الجمعة، 22 مارس 2013

المجاز و مشكلاته " جسد الليل " أنموذجاً


المجاز و مشكلاته
" جسد الليل " أنموذجاً

بقلم : أحمد حنفي


I. النص


جســد الليـل


للشاعرة / مها العيسى



للحـزن المكـابـد للغـة

المـوشـوم عـلى جبين الخـريف

جسـد الليـل ..

ينأى بـركنـه جـانبـاً

تمـرداً مـن تـزاوج السـويعـات

ومخـاض / نـور

مـن رحـمً عصـي



لعنـة الـأمـل الغـائـب .. قـائمـة

والصمـت المطعـون بـالـريح

الـذي يهـز النخـلـة

لتسـاقط عليـه " الـرضـاب "

قـد زمجـرت

" عقـم "



الـأرض ثـائـرة

تشتكـي

أشيــائـي المبتــورة

وذاكـرةً .. فـارغـة

الـا مـن ثقــب

يتنفس الضجيـج

وهـرولـة النهـايـة

الجـاثمـة ..

عـلـى قـارعـة الطـريـق

وتمتمـة الـتـراب

الـذي يسكـن "الرفـوف "

ابتسمـات يتيمـة

وكـل بعضـي

كتـاب ..

خبأ أوراق اليـاسميـن

الـتي .. يبُسـت

بيـن ثنـايـا صفحـاتـة

الصفـراء

دمـوعا فـي عيـن الليـل

خـوف مـرسـومٌ

عـلـى الجـدران

وصـوتٌ خـااافـتٌ

يمـر أنيـناً

مـن متنفس الـبـاب

تمـزقـة ..

يــد العُـهـر .. ووجـه الـإلحـاد

كـانـت هُنـا .. طفلــة

تقلـب الكتـاب

شعـرهـا اللـيـل

وفجـره قـد شــاب !!!




II. إشكالية البدء




حين تمنح مها العيسى جسد الليل للحزن ، ذلك الحزن الذي ينتج عن مكابدة اللغة و موشوم على جبين الخريف ....

لعلك للوهلة الأولى تقف أمام دخول النص مندهشاً مشدوهاً من هذه الصورة المعقدة و هذا البناء التركيبي للجملة ، و هذه الدوال التي تبدو بعيدة متناقضة ؛ حتى ليظن القارئ أنها لن تنتظم في سلكٍ واحدٍ أبداً ...

و لكـن ينبغي علينا أن نعـمل على إعادة البناء التركيبي ( للجملة / الصورة ) السابقة ؛ و ذلك لكي نحاول فك طلاسم تبدو مستحيلة الفهم .. ثم علينا بعد ذلك نجد تعليلاً و تفسيراً مناسباً لذلك الترتيب البنائي للجملة كما جاء بالنص ...




III. ترتيب الجملة




( جسد الليل / للحزن المكابد للغة / الموشوم على جبين الخريف )

الترتيب السابق هو الترتيب البنائي السليم على مستوى أركان الجملة من حيث كونها جملةً اسمية و يكون شكلها الإعرابي .. :

( مبتدأ + مضاف إليه / خبر شبه جملة + نعت + جار و مجرور / نعت + جار و مجرور + مضاف إليه )

أما ما ورد بالنص :

( للحزن المكابد للغة / الموشوم على جبين الخريف / جسد الليل )

و يكون إعرابه كالتالي :

(خبر شبه جملة " مقدم " + نعت + جار و مجرور / نعت + جار و مجرور + مضاف إليه / مبتدأ " مؤخر " + مضاف إليه )

فالفرق إذن أن النص بدأ بالخبر المقدم .. أما الترتيب المنطقي فهو البدء بالمبتدأ الذي له حق الصدارة .

و لكن ...

هل هناك فرق في المعنى ؟

سيحيلنا هذا السؤال إلى قضية ( النظم ) التي طرحها عبد القاهر الجرجاني في كتابه " دلائل الإعجاز " ... و لكننا لسنا بصدد الدرس البلاغي الآن ، لكنه سيكون من المفيد أن نلخص المقصود بالنظم في بساطة شديدة و إيجاز بالغ .




IV. النظم




النظم ـ ببساطة ـ هو ترتيب كلمات الجملة بشكل معين يؤدي لمعنى معين .. و باختلاف الترتيب يختلف المعنى .

مثال

ـ أحمد في الحديقة

أحمد : مبتدأ

في الحديقة : خبر شبه جملة

المعنى : أن أحمد كائنٌ و موجودٌ و مستقرٌ في الحديقة ، و الصدارة لأحمد و التركيز عليه و الاهتمام به ؛ فهو أصل الموضوع و غاية القصد و الطلب .

أما أنك لو قلت :

ـ في الحديقة أحمد

فالمعنى : أن في الحديقة يوجد أحمد ، لكن الصدارة و مركز الاهتمام و غاية القصد لما هو موجود في الحديقة و ليس لأحمد على وجه التحديد ؛ إذ أن ذلك الوجود ليس مقصوراً على أحمد وحده ، فالجملة لما تزل مفتوحة ـ رغم كونها تامة الأركان ـ فقد تستطيع تعداد و حصر ما هو بالحديقة عن طريق العطف ، كأن تقول :

في الحديقة أحمد و عبد الرحمن و زيد و أزهار و طيور و مياه و .... إلخ

و بذلك يتقق سيل لا نهائي من المعطوفات تضيف إلى من امتلك الصدارة ( شبه الجملة / في الحديقة ) أبعاداً جديدة و تفصيلات لم تكن لتتحقق لو قلنا ( أحمد في الحديقة ).

وبالتالي حين تقول " مها العيسى " :

( للحزن المكابد للغة / الموشوم على جبين الخريف / جسد الليل )

فيكون للخبر المقدم ـ للحزن ـ الصدارة في المعنى و هو غاية المقصد و عيـن الطلب ، فهذا الحزن المكابد للغة ، المنقوش وشماً على جبين الخريف ( نمنحه / نعطيه ) جسد الليل .

و لو أنها بدأت بالمبتدإ و المضاف إليه ـ جسد الليل ـ لاختلف المعنى باختلاف أسلوب النظم ، و لأصبح جسد الليل مخصصاً للحزن على الدوام، في حين أن النص يقول :

( أن للحزن جسد الليل .. و ربما أشياء أخرى ينفتح عليها النص دلالياً ؛ ليتيح للقارئ إنشاء نصه ( الموازي / المجاور ) .. )

و بهذا نتوقع أن ( الحزن ) هو السلك الذي سوف تنتظم فيه دلالات النص من أولها لآخرها و ليس ( جسد الليل ) ؛ لأن الصدارة هنا إنما تعني براعة استهلال بالمصطلحات البلاغية العربية .

فهل هذا ما حدث بالفعل ؟








V. تساؤلات




قبل أن نجيب على السؤال السابق .. لابد من الوقوف على نقطة هامة..؛ ألا و هي كلمة ( اللغة ) .. ما المقصود بها ؟

و أيُّ لغةٍ تلك يا تُرى .. ؟

و لماذا يُكابدها الحزن و تُكابده .. ؟

فهل تقصد " مها العيسى " باللغة أنها الشعر و الكتابة ..؟ ... ربما !

و إنه لأمرٌ شديد العناء أن تتَّبع دالةً على مدار نصٍّ به زخمٌ من الدوال المتداخلة كالنـص الذي بين أيديـنا ... لكن نظراً للجـدل الذي أثـاره النـص حـاولت تتـبع دالـة ( اللغة ) الواردة في السطر الأول .. و المغرقة في الإغراب من الوهلة الأولى لقراءتها .

لكن ذلك لن يُتاح قبل طرح التساؤلات و معرفة ما إذا كانت اللغة هي الشعر أم أنها لُغةً أُخرى .. و أن الحزن ناتج عن عناء الكتابة أم نتاج شئ آخر لم نعرفه بعد .. ؟




VI. المقطع الأول .. تفسيرات البناء و شخصنة الموجودات




عادةً ما يكون المقطع الأول في أيِّ نصٍّ هو كلمة السر للدخول إلى عالمه ، بل هو المُخوَّلُ بمفاتيحه .. و منوطٌ به فض الاشتباكات إذا لزم الأمر ؛ لما له من شحنات انفعالية و تدافعات نفسية تتنازع داخل الشاعر قبل التخلص منها على الورق .. ليكون المقطع الأول بذلك أصدق المقاطع و أكثرها انفعاليةً و توتراً .

و إذا وضعـنا الكــلام السابـق في الاعتـبار قبـل الـولـوج إلى المقطع الأول لقصيدة " جسد الليل " ، سيتضح لنا الآتي :

1 ـ أن البدء بالخبر المقدم ( شبه الجملة / للحزن ) إنما يعني أن ذلك الحزن و ما له سيكون هو الدالة المسيطرة على النص .. بل و المسيطرة على الشاعرة لحظة كتابتها القصيدة ؛ مما يفسر لنا سبب البدء بالخبر دون المبتدإ .

2 ـ أنَّ ( جسد الليل ) الممنوح للحزن .. ( ينأى بركنه جانباً ) ، و بذلك نلحظ ضرورةً أخرى لتأخير المبتدإ يوضحها المخطط التالي ..



للحزن المكابد للغة

الموشوم على جبين الخريف







جسد الليل







ينأى بركنه جانباً

تمرداً من تزاوج السويعات



فالمـبتدأ المؤخـر ( جسـد اللــيل ) هـو حلـقة الـربـط بين ( ما سيؤول له مصيره / للحزن ) و بين ( رد فعله / ينأى ) .



3 ـ ( الليل ) باعتباره دالة مرتبطة بالحزن ، يتمرد على ( مرور الوقت سريعاً / تزاوج السويعات ) و يزداد تمرداً على النور الذي يوشك أن يولد من الرحم العصي.. !

و بذلك فنحن على وشك صراعٍ محتدمٍ بين دوال الظلام ( الليل / الحزن / الخريف / الركن / الرحم ) و بين دالة النور باعتبارها حلاً للأزمة التي صدَّرها لنا النص منذ أول كلمة .



4 ـ ظاهرةٌ تبدو جليَّةً تغمر المقطع الأول من أوله إلى نهايته و قد لاحظتها في أعمال أُخرى للشاعرة " مها العيسى " ؛ و هي ظاهرة ( الشخصنة / الأنسنة ) فهي تعمد على جعل كل الموجودات أشخاص لهم كل سملت الحياة ؛ فالحزن يكابد و اللغة تكابد و للخريف جبين و لليل جسد ينأى و يتمرد و السويعات تتزاوج و للنور مخاض من رحم الظلمة العصيّ .

و بهذا أعتقد أنني اقتربت من كافة تفاصيل المقطع الأول إلا كلمة ( اللغة ) ، و التي أعتبرها الآن لُغزاً يمثِّلُ بحلِّه انفراجاً دلالياً تنهار أمامه إشكاليات التلقي و معضلات الآداء .




VII. حضور الذات الشاعرة




تُرى أيُّ لعنةٍ يفاجئنا بها المقطع الثاني .. ؟ و أيُّ أملٍ غائب ذلك الذي ألقى بترقب وصوله صمتاً تطعنه الريح بصوت صفيرها الجاثم في ظُلمة الليل ؟

بل أيُّ رضابٍ هذا الذي يسَّاقط ؟ .. و على من يعود الضمير في قولها ( لتسَّاقط عليه ) ؟ .. و من التي زمجرت قائلةً ( عقم ) ؟

بالفعل نحن الآن أمام مشكلةٍ فجرها المجاز حين تمَّ تضفيره مع تلك اللغة المكتنزة ، و أعترف الآن ـ و الآن فقط ـ أنني قد توقفت طويلاً جداً جداً أمام ذلك المقطع لأتفرَّسَ فيه و أتتبَّعَ دواله محاولاً اكتشاف رابطٍ بينه و بين ما يسبقه أو يعقبه من مقاطع حتى أنني كنت أشعر في أحيان كثيرةٍ بالإرهاق الذهني الذي يجعلني أستغرق في نومٍ أشبه بالغيبوبة حتى فجر اليوم التالي ... !

و تظل التساؤلات تترى أمام عيني و أنا واقفٌ فاغرَ الفمِ أمام تلك اللغة المجازية المتشابكة ، و أسأل نفسي أيكون ذلك الأمل الغائب هو ( النور ) الذي يأبى الرحم مجيئه ؟

و لكن لو كان ذلك الأمل الغائب هو ( النور ) حقاً .. فكيف لليل أن ينتظره و هو ألدُّ أعدائه ؟!!

أليس في ذلك تضاربٌ دلالي و تنافٍ للصراع الذي تمَّ رصده في المقطع الأوَّلِ بين الليل و دوال الظلام من جهةٍ و النور من جهةٍ أُخرى .. ؟!

لكن الاحتمال الأخير الذي لم أضعه في حُسباني منذ البداية هو أن أتعامل مع المقطع الثاني باعتباره بوحٌ للذات الشاعرة و رصد للموقف .. و لا دخل لجسد الليل في انتظار الأمل الغائب ..!

بل أنَّ الذات الشاعرة هي من تنتظره في ترقُّبٍ و صمتٍ .. ذلك الأمل الذي يراود الذات بانقشلع الظلام و حلول النور محله ، لكن الإشارة التي حملتها الريحُ جزمت بعبثية ذلك الانتظار و عدم جدواه إذ أنَّ ذلك الرحم العصيّ لن يتمخَّضَ عن نورٍ لأنه عقيم .

و لا يخفى عليكم تلك العلاقة التناصيَّة بين النص القرآني و ما أتى به المقطع ؛ فالسيدة مريم العذراء لم تكن لتأتي بأسباب الحمل الطبيعي كأنثى لولا المعجزة التي أجراها الله ، فبهذه المعجزة وحدها استطاع رحمها العصيُّ عن الحملِ لعدم زواجها من الأساس ـ إذ لم يمسسها بشرٌ ـ استطاع ذلك الرحم أن يحمل نوراً من الله ـ سيدنا عيسى ـ ليمهِّد لرسـالة خاتم النبيين سيدنا محمد ـ صلى الله عليه و سلَّم ـ فربما بالمعجزة وحدها سيرحل الظلام لحظة مخاض النور من ذلك الرحم العصي .

فهل الأمل الغائب هو مخاض النور .. أم المعجزة التي ستحدث لمجئ النور من الأصلِ ..... ؟!

و بهذا تنفرج الأزمة التي أحدثها المجاز في المقطع الثاني على دلالاتٍ متماسكةٍ

و تفسيراتٍ منطقـيَّةٍ ، ذلك التماسك الذي لا يبدو لنا من الوهلة الأولى .




VIII. الإيقاع المجازي




و المتأمِّلُ للمقطع الثالث عليه التحلي باللياقة الذهنية ؛ فالمجاز بلغ مداه ، و تشابكت أطرافه ، فلا يكاد سطر يخلو منه ؛ ليظلَّ العقلُ يلهث وراء مُبتغاه ؛ فالنص لا يمنح نفسه بالسهولة التي كُنَّا نتوقعها .

فالذات الشاعرة ترصد الجوَّ العام المحيط بها ؛ فالأرضُ ثائرةٌ تشتكي ، لتعود الذات لرصد حالتها ـ الأشياء المبتورة ، و الذاكرة الفارغة إلا من ثقب ـ ثم تعود للجوِّ العام المحيط بها ثانيةً ـ الضجيج الذي يملأ الذاكرة الفارغة ، و النهاية التي تهرول جاثمةً على قارعة الطريق ، و تمتمات التراب الذي يسكن رفوف الكتب ، و الابتسامات اليتيمة التي لا نعرف لمن .. و ممَّن .. ـ

كل هذه الجمل المجازيَّة المتنقِّلة بين وصف الذات للعام المحيط و وصف الذات لنفسها ثم للعام المحيط ثانيةً ـ كل ذلك تسبَّب فيما يمكن أن نُسمِّيه " سرعة الإيقاع المجازي " ، والذي أصابنا بالفعل بربكةٍ دلاليةٍ سرعان ما تزول حين نقرأ قولها :

" و كلّ بعضي / كتاب "

و هنا يرتدُّ بنا الحديث بسرعة البرقِ إلى أوَّلِ سطرٍ في النَّصِّ :

" للحزن المكابد للغة "

فــها نحـن قـد عـثرنا على كلمة من ذات الحقل الدلالي لـكلـمة ( اللغة ) .. إنـَّها ( الكتاب ) .. فكل ما تبقى من الذات الشاعرة محض كتاب .. كيف استحالت الذات إلى كتاب ..؟!

ها قد بدرت بادرة الأملِ .. و علينا التمسُّك بها .




IX. ( الكتاب / الذات ) و لغة المجاز




تُرى أيٌّ ( كتابٍ ) استحال جُزءً من الذات الشاعرة .. بل هو كل ما تبقَّى منها .. ذلك الكتاب القديم ( صفحاته الصفراء ) يُخبِّئُ أوراق الياسمين ، تلك الأوراق التي يهديها المُحبُّ إلى حبيبته و تضعها في كتابٍ لتحفظها .. بل على الأحرى تحفظ رائحة يد حبيبها المخلوطة بذكرياتهما معاً .

و الذكرى لا تعني سوى بترٍ لهذه العلاقة ، لا نعرف سببه و لا يعنينا ؛ فنحنُ إذن أمام حالة حزنٍ سببها الفراق .

إذن فكلـمة ( اللــغـة ) تنفتح على دلالاتٍ مُتضافرةٍ من الحزن و الألم و اللوعة و الشوق و الفراق و لغة ( الكتاب / الذكرى ) و أوراق الياسمين و دموع الليل و خوف الوحدة ...

( فالحزن ) الذي افتُتِحَ النصُّ به هو بالفعل تلك الدالة المسيطرة على النصِّ من أوله لآخره ، و ما الحزين إلا شخص يتغلغل الحزن في لغته و تصرُّفاته .. و حركاته و سكناته ..

هكذا إذن .. فالذات تكابد الحزن و لغتها تكابده ، و عقلها ، و ذكرياتها ، إنَّه بحرٌ مظلمٌ سقطت فيه الذات .. تلك الذات التي تُمعن في الحزن و تجدده حين تفتح ذلك الكتاب القديم ؛ ليستحيل عامها كله إلى خريفٍ يُنبئُ بتساقط الأوراق و الذبول الراشق في قلب الأمل العصيِّ .. ؛ لتقرر لنا أنها قد شابت و طعنت في السِّنِّ برغم سواد شعرها و ملامحها التي تُبدي خلاف ما تُبطن .




X. خاتمة




حين لا يتبقَّى من الذات إلا كتاب .. فترى أيّ صراعٍ أوصلها إلى ذلك الحد .. ؟

لقد اختصرت " مها العيسى " ذلك الصراع .. و اكتفت بعرض نتائجه ، و عليك أنت أيها المتلقي أن تّنشئ نصك ( المجاور / الموازي ) لمعرفة ذلك الصراع .. و ربما تضع صراعك أنت ليستفيد بهذه الحالة التي صدَّرها لنا النص .

إن اللغة المكتنزة التي تتكئ عليها الشاعرة في أعمالها عامةً و قصيدتها " جسد الليل " خاصةً هي التي تُتيح لك ذلك .

فهي قصيدة حالة .. و لو أن الشاعرة عمدت إلى شرح مسببات تلك الحالة لوقعت في إشكالياتٍ أُحرى بين السرد و التقرير ، و لكن هذا لا يعني الإسراف في المجاز ؛ فالاعتدال في كلِّ شئٍ هو المطلوب .

و هذا لا ينفي أبداً مدى الجهد الذي بذلته الشاعرة في كتابة نصها ، و لا ينفي مُتعتنا به ، لكنها متعةٌ محفوفةٌ بالمخاطر ، و تحتاج إلى جُهدٍ جهيدٍ للوصول إليها ..

و علينا أن نعترف أخيراً بأنَّ المجاز سلاح ذو حدَّين ..ينبغي على الشاعر أن يتعامل معه بحرص و حذر .

دمتم بخير

أحمد حنفي ـ أول يوليو 2011

الأربعاء، 20 مارس 2013

الرمز و اللغة المكتنزة ( قراءة في شعر مها العيسى )




الرمز و اللغة المكتنزة

قراءة في شعر مها العيسى

بقلم / أحمد حنفي


ماذا نقصد باللغة المكتنزة
لأننا الآن بصدد الحديث عن الشعر و جمالياته عند الشاعرة " مها العيسى " فمن الأفضل ألا نخوض في تفاصيل من شأنها تبعدنا عن هدفنا أو تحول بين شوقنا و متعتنا .
لكننا سنشير في عجلة إلى مقصدنا من اللغة المكتنزة ..
و هي الكلام الذي تقلُّ ألفاظه و تنفتح معانيه على فضاءات أرحب
فلو أنت نظرت إلى قول المثقب العبدي :

أفاطمُ قبل بينك متعيني         و منعُك ما سُئِلتِ كأن تبيني

ترى بأي شئٍ تمتعه ؟ و ما المسكوت عنه في الشطرة الأولى ؟
فالشاعر يطلب من حبيبته فاطمة قبل بينها و رحيلها بعيداً عنه أن تُمتعه .. لكنه لم يصرح بتلك المتعة و لا بكيفيتها .. ليترك لنا مساحة رحبة لتخيل هذه المتعة .. و خيراً فعل ..؛ فإطلاق المعاني في الشعر أفضل من تحديدها ، لينشئ القارئ / المستمع نصاً موازياً / مكملاً – من وجهة نظره الخاصة – كلٌّ حسب اعتقاده و عاداته و ثقافته .
فقارئ قد يحسب المتعة لقاءً , و آخر يظنها نظرةً , و ثالث بسمةً , و رابع قبلةً , و خامس ................. و هكذا .

و بذلك يصبح النص محدود الألفاظ لا متناهي المعاني , يسكت عن التحديد و يُحلِّق في الفضاء الرحب .
على أن الحديث عن اللغة المكتنزة في الشعر يضيق به المقام هنا و ربما نجد من الوقت ما يسع لنتحدث عنه في موضع آخر .

و سنعرض لمقطعين فقط من شعر " مها العيسى "  ندلل من خلالهما على أن اللغة المكتنزة الرامزة تستطيع التعبير عن آلاف المعاني اللا متناهية .. في الوقت الذي تفشل فيه قصائد عديدة عن عرض فكرتها من الأساس أو ربما تتوه فيها المعاني لكثرة ما بها من زيادات و نوافل .

النص الأول


سـأنسـج منـك
معطفاً .. يـدثـرنـي
حيـن يـزجـرنـي
الشتـاء
وأسكنـــك
كـوخـي الصغيـر
إذ ضـج بـي
العــراء

أيُّ لغة شفيفةٍ تلك التي تكتبها " مها العيسى " لتعبر عن حالة عشقٍ يكون طرفها الثاني هو الكون كله ..؛ فهو (المعطف / الدفء) الذي يدثرها حين يزجرها الشتاء بقسوته ..

و هو – في الوقت ذاته – (الكوخ / الأمن و الستر) حين يضج بها العراء ..
و الجدير بالذكر أن نلتفت إلى الرمز في تلك المقطوعة و طريقة استخدام الضمائر .., فهى تُحدِّث (الآخر / الحاضر المخاطب) و تستحضره أمامها .. و هذا الاستخدام له دلالة مميزة ..؛ إذ أنَّ الحديث عن الغائب يجعلنا على شكٍّ من وجوده , بمعنى أنَّه يحتمل الوجود الحقيقي أو الوجود الافتراضي الناتج عن التخيل و ربما التمنِّي ... لكن استخدام ضميرٍ يخصُّ الحاضر المخاطب فهو لا يعني سوى الوجود الفعلي و الحقيقي لكيان مستقلٍّ و ذاتٍ مُحقَّقةٍ على أرض الواقع .

لنخلص من ذلك كُلِّهِ بيقين من أنَّ ذلك الآخر سوف يكون الدفءَ و السترَ و الأمانَ (للذات الشاعرة / الفاعلة / الإيجابية)
و خليقٌ بنا الإشارة إلى أنَّ الفعل (سأنسج) و جوابه (يدثرني) و الفعل (أسكنك) و مسببه (ضجَّ) هى علاقاتٌ مُتشابكةٌ من الفعل و ردِّ الفعل تكون فيها الذات الشاعرة هى المُحرِّك و المركز الذي تدور في فُلكهِ تلك العلاقات مُكـوِّنةً إيقاعـاً خاصاً لم نعتده في مثل تلك المقطوعات المُكتنزة .




النص الثاني


ذاك المســاء ..
أهـدانـي الــورد شـوكـة
نفـض جسـدي عطـره
ربـما أشتـاق لنـزفـي
ليكتبنـي ..
آآآخـر سطــره

و الرمز هنا يتخذُ شكلاً مُغايراً ..؛ فهُناك علاقة تماهٍ بين الورد و الذات الشاعرة .. حيث كان أثر الشَّوكةِ أنَّ 
نفض الجسدُ (عطره / دمه) , ثُمَّ ما كان قبلاً من شخصنة الورد و فعله للإهداء.
فإلى هذا الحدِّ تبادلت الذات الشاعرة مع الوردِ صفاتهما ؛ فالورد إنسان يهدي ، و الشاعرة زهرة تتضوَّع بالعطر .. لكنَّهُ عطرٌ مؤلم ..
فهل تُريد " مها العيسى " أن تقول بأنَّ الورد حين يمنحنا عطره فإنَّهُ يمنحنا بعضاً من دمهِ ..؟ أم لعلَّها تُريد أن 
تقول لنا أنَّها زهرة جميلة .. لكن اِحذر .. فالقابض على الوردِ عليه تحمُّل أشواكه ..؟
و ربما الورد يُمثِّل (الآخر / المحب) , و ما العطر إلا كلّ ما هو نبيل من مشاعر الحبِّ , إلا أنّ الرمز يظلُّ مُحتفظاً بجماله و رونقه و انفتاحه على دلالاتٍ لا نهائيةٍ بالرغم من أنَّ المقطع مُكوَّن من أربع عشرة كلمة .. أما تستحقُّ الإعجاب بعد ..

و أخيراً و ليس آخراً فقراءتي السابقة إنما تُعبِّر عن وجهة نظري و رؤيتي للشعر عامةً و لنصوص الشاعرة " مها العيسى " بخاصةٍ راجياً من الله التوفيق أبداً و سامحوني إن جانبني الصواب فما توفيقي إلا من عند الله و ما هنَّاتي و إخفاقي إلا من عندي .
و أملي فيكم مشاركتي بالتعليق و ذكر آرائكم الغالية التي ستنير حتماً الطريق أمامي و ستكون جسراً يربط فيما بيننا طالما جمعنا الله على محبة الشعر و الأدب .

                                                      أحمد حنفي – الإسكندرية 24 يونيو 2011