الأحد، 16 نوفمبر 2014

الأدب المهجري المعاصر (1)


بعد أن عرضت موضوعاً بالشهر المنصرم عن شعراء المهجر و دورهم في تطوير الشعر العربي للأستاذ / مروان الجنزير .. سُئلتُ من يومين عن الأدب المهجري المعاصر .. هل مازال هناك كُتَّاباً عرب يبدعون ببلاد الغربة و الغرب .. أم أن أدب المهجر خبا نجمه بعد وفاة أعلامه جبران و أبي ماضي و الخال و نعيمة و غيرهم ..؟
لذا فقد بحثتُ عن ذلك الموضوع حتى رأيت عرضاً قيماً للموضوع بقلم الأستاذ / لطفي حداد ، يعرض للموضوع من كافة جوانبه و يتحدث فيه عن ( الأنثولوجيا ) و هو توثيق الأعمال الأدبية للكتاب العرب الذين يكتبون بالعربية و يعيشون خارج الوطن العربي ..
و هو بحثٌ قيم رأيت أن أنشره على أجزاءٍ عدة ..
و للمراجعة و الأمانة في النقل فالموضوع مأخوذ عن موقع : القصة السورية
http://www.syrianstory.com/comment31-7.htm
أتمنى أن تستفيدوا بالموضوع كما استفدت ..
تحياتي لكم ..
و الآن إلى الموضوع


مقدمة عن الأدب العربي المهجري المعاصر
والمختارات الأدبية "أنثولوجيا"
الأستاذ / لطفي حداد

 بقلم الكاتب: لطفي حداد

الأنثولوجيا هي عمل موسوعي يهدف إلى توثيق الأعمال الأدبية (الشعر والنثر) للأدباء الذين يكتبون بالعربية ويعيشون خارج الوطن العربي أي أوروبا ، استراليا ، نيوزلنده ، روسيا ، اليابان ، والأميركيتين...

الغاية من العمل هي إيصال الأصوات المهجرية إلى القراء العرب داخل الوطن العربي وخارجه، وجعل الأدب المهجري المعاصر جزءًا حيًّا وفعالاً في الأدب العربي الشامل. أيضًا لتكون الأنثولوجيا مرجعًا للدارسين والمهتمين في الوقت الحاضر والمستقبل.
إن الكتاب المشترك الذي صدر عن الرابطة القلمية في أميركا عام1921 قد أوحى لي بالفكرة، وهو أنثولوجيا صغيرة ضمت تسعة كتّاب (جبران خليل جبران، ميخائيل نعيمة، إيليا أبي ماضي، نسيب عريضة، رشيد أيوب، وليم كاتسفليس، عبد المسيح حداد، ندره حداد، وديع باحوط) ، وما يزال يصدر في لبنان عن دار صادر. فالرجاء الكبير من وراء هذا العمل أن تحتفظ ذاكرة الأدب العربي بالأنثولوجيا المعاصرة التي هي أوسع وأشمل وتضم أدبًا جميلاً يستحق الخلود!

إن الأدباء العرب في الشتات أو المهجر أو المنفى موزعون ومنتشرون في كل قارة وبلد، ورغم محاولتي التوصل للجميع، إلا أن بعض الأدباء سيبقون بعيدًا عن إمكانية وصولي إليهم (إما لصعوبة الحصول على عنوان بريدي أو الكتروني أو رقم هاتف، أو لتغير هذه المعلومات)، لذلك أضع هذه الدعوة هنا لمن لم يتسنَّ لي الاتصال بهم، مع اعتذاري مسبقًا، وشكري لهم إن تفضلوا وراسلوني.

هذه الأنثولوجيا لا تشمل:
* الذين يكتبون بالفرنسية أو الإنكليزية أو أية لغة أجنبية بشكل أساسي.
* الذين يعيشون بين الشرق والغرب متنقلين، ولم يتخذوا البلد الأجنبي في المهجر كمركز أساسي لحياتهم اليومية.
* الذين عاشوا لفترة في الغرب ثم عادوا إلى الوطن العربي.
* الذين يعيشون في بلد عربي غير بلدهم الأصلي كحال العشرات من الفلسطينيين والعراقيين مثلاً.
* الذين عاشوا لسنين طويلة في الخارج ثم توفوا، أي أنها للأدباء المعاصرين الأحياء.
كما أن هذه الأنثولوجيا ليست كتابًا في النقد الأدبي وتوثيقًا تسلسليًا لأهم الكتاب العرب في الخارج... بل إن هذا العمل الموسوعي يدعو النقاد العرب ، سواء في الداخل أو الخارج ، لدراسة الأدب المهجري وتقديمه للقارئ العربي أينما وجد، كما يدعو القراء العرب لإعطاء آرائهم العميقة والصادقة وممارسة دورهم النقدي.

ليس هناك أي هدف سياسي أو ثقافي أو شخصي وراء اشتمال هذا الكتاب للأدباء المشاركين فيه بل الموضوعية والشمولية كانتا دافعيّ الرئيسين وهناك لائحة أسماء أدباء كثيرين قد أعددتها للجزء الثالث وقد أعددت المختارات الأدبية لبعض منهم وفضلت أن لا أضعها في الجزئين الأولين للمحافظة على فكرة الفسيفساء الأدبية وتجنب طغيان أيديولوجية معينة على أخرى وكذلك بسبب العدد الكبير للأدباء الشباب في الخارج (هناك مئات الشعراء والأدباء الشباب في أوربا وأميركا خصوصًا من العراقيين المهاجرين حديثًا!).

تضم هذه اللائحة على سبيل المثال لا الحصر (لم أستطع الوصول إلى بعضهم):
كريم عبد، كريم الأسدي، برهان الخطيب، مصطفى فهمي، إيمان مرسال، سعيد فرحان، فؤاد ميرزا، محمد النصار، محمد المزديوي، عباس خضر، مفيد البلداوي، عباس الحسيني، كامل جابر، حنان عناد، أحمد حسين، جمال مصطفى، أحمد عبد الحسين، شهد فاتح، زاهر الجيزاني، حميد المحنة، فرج الحطاب، أسعد الجبوري، جاكلين سلام، أكرم قطريب، سليمان جوني، إبراهيم عبد الملك، محيي الدين اللاذقاني، محمد عضيمة، يوسف شرورو، صلاح فائق، شاكر نوري، حبيب جاويش، نجمة حبيب.
* * *
في البداية وجهت دعوة إلى بعض الأدباء الذين حصلت على عناوينهم الالكترونية، وانفتحت شيئًا فشيئًا آفاق كثيرة أمامي حتى وصلت إلى كل هؤلاء الأدباء والأديبات. وقد عُقدت صداقات جميلة بيننا نتيجة العمل المشترك والمراسلات الالكترونية والاتصالات الهاتفية، وإنني فخور بها وهي تملأ حياتي الأدبية بدفع يومي وزخم دائم.
* * *
المهجر الجديد:
إذا كان المهجر والأدب المهجري في بدايات القرن العشرين أميركيًّا ، ولبناني الطابع بشكل أساسي، فإن المهجر الجديد هو أوروبي وعراقيّ الصبغة.
هناك اختلافات جذرية بين المهجر القديم والجديد.. فالهجرة في السابق كانت غربة وعزلة شديدتين حيث طرق المواصلات بطيئة وغالية ، وأغلب المهاجرين لا يعرفون لغات المجتمعات الجديدة ولا شيء عن تلك الحضارات.. أما اليوم فالمهاجرون الذين يعيشون في أوروبا أو أميركا يستطيعون قراءة الجرائد العربية اليومية عبر الانترنت أو الصحف الورقية التي تصل إلى أماكن متعددة من العالم. كذلك يستطيعون التنقل بحرية وبساطة بين الوطن الأم والمهجر (إذا لم يكن هناك مانع سياسي) وهم بسبب الانفتاح العالمي و «العولمة» يعرفون مسبقًا الكثير من أنماط العيش في تلك المهاجر قبل أن يصلوها... فالمهجر الجديد أسهل بكثير من المهجر القديم من هذه النواحي ، رغم أنَ العزلة قد تكون شديدة بسبب الحنين اليومي والجرح النازف كل لحظة نتيجة معايشة أخبار الوطن عن بعد.
* * *
يبدأ الحنين منذ اللحظة الأولى ، ويتحول مع الزمن إلى صراع نفسي بين الذاكرة والواقع، ثم يحصل نوع من الراحة والتأقلم عندما يفهم الكاتب أن البيئة الجديدة تقدم له ساحة لقاء تستقبل فكره الثوري الذي رفضته بلاده، فتعوّض حضارةُ الرقي الإنساني والانفتاح الثقافي قليلاً عن فكرة الوطن ليصير الوطن الحقيقي ـ عند بعض الذين نجحوا في الخارج ـ أبعد من الحدود الجغرافية للوطن العربي، بل ممتدًا على الأرض كلها.
لكن الكثيرين يفكرون بالمنفى ويشعرون أنهم أدباء منفى. فلماذا هذا الاسم ؟
أولاً: لأنه إما أن تمتزج بالمجتمع الجديد وتصير واحدًا معه، أو أن تعيش وجع المنفى واغتراب الروح والأرق المكرَّس للأبد، وهذا الوجع والاغتراب والأرق هو ما يعيشه أغلب الأدباء المنفيين.
ثانيًا: لأن الوطن ليس مكان الذكريات الماضية، ولا حلم المستقبل الذي يأتي ولا يأتي. لكنه لحظة عشق نختارها حتى الموت، ونرحل نحوها كغرباء ومنفيين.. يكوينا الشوق، وتنهبنا لهفة اللقاء. وهذه اللحظة العشقيّة قد اختارها أغلب الأدباء المنفيين.
ثالثًا: لأنهم يعيشون في الشتات أحلام الحرف والوطن والهوية، ويسعون للحرية وقلوبهم مأسورة هناك بين المحيطين!!
رابعاً وليس أخيرًا: لأنهم يعشقون، وعشقهم أوسع من عيونهم التي تربّي رويدًا رويدًا طيور العودة إلى الوطن.

وهكذا فهناك أدب مهجريّ وأدب منفيّ وأدب مغترب (وهو أدب مسافر في مجاهل الإنسانية والكون وفي داخل النفس البشرية نحو حقيقة ما، يبحث عنها الأديب خارج حدود أرضه ومحيطه وكيانه).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق