السبت، 16 أغسطس 2014

أحمد كامل .. مايسترو جيل التسعينات بالإسكندرية

أحمد كامل .. مايسترو جيل التسعينات بالإسكندرية

بقلم / أحمد حنفي


لشاعرٍ لم يختلف اثنان على شاعريته ، و ينتمي لجيل التسعينات بالإسكندرية ، ذلك الجيل الذي بدا منفصلاً عما سبقه من أجيالٍ و هو كذلك عما لحقه ، فكان كالراقصين على السلم ، إنه شاعر العامية "أحمد كامل" ، مايسترو ذلك الجيل ، و بالرغم من أنه لم يختلف اثنان على شاعريته إلا أنه كان – و لما يزل – مثيراً للجدل و تحيطه علامات الاستفهام و التعجب أينما حلَّ.

يمتلك رؤيته الخاصة تجاه ذاته و مجتمعه ، و من تلك الرؤيا تنبع شاعريته كما ينبع منها أيضاً جدله . ربما كنا ننظر إلى العديد من نصوصه على أنها نصاً واحداً .. مكروراً .. يصدر من نفس الأسباب ليرد ذات النتائج .. غير أنه – للأمانة العلمية – لم يتوفر أحدنا لدراسة تلك الظاهرة للوقوف على مسبباتها .. أو حتى لمجرد تأكيدها أو نفيها.

و كان للغته الشعرية دورها المحفز لذلك الجدل ، إنه شاعر عامية مجيد ، متملِّك لأدواته ، له محاولات حثيثة لكتابة قصيدة الفصحى ، تلك التي تتسرب لنص العامية الذي يكتب ؛ فنجد الكثير من مفرداتها تزاحم قصائده اللهجية ، و ربما مثَّلت مقطعاً كاملاً في ظاهرةٍ تستحقُ أن يُفرد لها بحثاً مستقلاً علها تأتي بنتائجَ مدهشةٍ لمن يتوفر عليها .

الشاعر / أحمد كامل


لا أستطيع أن أنسى ذلك الزخم الحواري و النقاشي الذي دار بيننا حين طالعنا "أحمد كامل" بنصه الذي مطلعه:

"أحد ..
و لا أحد غيري
مفتوح له بوابة تاريخك الزحمة / تناقض"

و كيف كان "أحمد كامل" غاضباً حين رفض جميعنا ذلك اللفظ "أحد" و أننا اعتبرناه اسماً مقدساً فيما اعتبره هو عادياً و يحقُّ له استخدامه في التعبير عن ذاته ، و لما يزل ذلك النص – طيلة عقدٍ و نصف – يمارس نفس الجدلية ، و لما يزل "أحمد كامل" يدافع عنه بنفس الآليات .

و لم يتوقف "أحمد كامل" عن إثارته للجدل طيلة تلك السنوات و موقفه من قصيدة النثر و كاتبيها شاهدٌ على ذلك ؛ إنه لا يعتبرها راقيةً حدَّ القصيدة ، بل هي عاديةٌ .. و عاديةٌ جداً .

"أحمد كامل" شاعرٌ له كاريزما تميزه ؛ فطوله الفارع ، و نظراته الحادة ، و مواقفه المتشددة ، و عصبيته الزائدة ، و نفسه القلقة ، و سخريته من واقعه كلها أمور تؤهله بقوةٍ لأن يكون شاعراً صعب المراس ، و ربما أخَّره ذلك على المستوى النقدي بالرغم من أنه وصل لذروة النضج الفني و الشعري .

و كان لدراسته الموسيقية أثرها البالغ في إثراء وجدانه الشعري لكن من الغريب – و المدهش بآن- أنَّ قصائده حتى لحظتنا تلك يعتورها بعض الأخطاء العروضية .. و بالرغم من ذلك فهي لا تشي بعيبها منذ الوهلة الأولى و كأنه يكتب موشحةً أندلسيةً لا تعتمد الأوزان الخليلية قدر اعتمادها على الريشة و الوتر .. بل إنه و في أحيانٍ كثيرةٍ يعتمد النبر أساساً كمياً جنباً إلى جنبٍ مع التغعيلة .

إنني و إن كنتُ أكتب هذي الشهادة لشاعرٍ تعاملت معه إنسانياً و نقدياً إلا أنني أعتقد أنَّ شعره خير من يقدمه .. و كيف لشاعرٍ مثله يغفل عنه النقاد ؟! في الوقت الذي هم فيه يحتفون بمن لا يرقون لنصف موهبته لا لشئ سوى لأنهم من أصحاب القلوب الخفيفة .. و كذا العقول .


أحمد حنفي

18 أغسطس 2014