أحمد كامل .. مايسترو جيل التسعينات
بالإسكندرية
بقلم / أحمد حنفي
لشاعرٍ لم يختلف اثنان على شاعريته ، و ينتمي لجيل
التسعينات بالإسكندرية ، ذلك الجيل الذي بدا منفصلاً عما سبقه من أجيالٍ و هو كذلك
عما لحقه ، فكان كالراقصين على السلم ، إنه شاعر العامية "أحمد كامل" ،
مايسترو ذلك الجيل ، و بالرغم من أنه لم يختلف اثنان على شاعريته إلا أنه كان – و لما
يزل – مثيراً للجدل و تحيطه علامات الاستفهام و التعجب أينما حلَّ.
يمتلك رؤيته الخاصة تجاه ذاته و مجتمعه ، و من تلك
الرؤيا تنبع شاعريته كما ينبع منها أيضاً جدله . ربما كنا ننظر إلى العديد من
نصوصه على أنها نصاً واحداً .. مكروراً .. يصدر من نفس الأسباب ليرد ذات النتائج
.. غير أنه – للأمانة العلمية – لم يتوفر أحدنا لدراسة تلك الظاهرة للوقوف على
مسبباتها .. أو حتى لمجرد تأكيدها أو نفيها.
و كان للغته الشعرية دورها المحفز لذلك الجدل ، إنه شاعر
عامية مجيد ، متملِّك لأدواته ، له محاولات حثيثة لكتابة قصيدة الفصحى ، تلك التي
تتسرب لنص العامية الذي يكتب ؛ فنجد الكثير من مفرداتها تزاحم قصائده اللهجية ، و
ربما مثَّلت مقطعاً كاملاً في ظاهرةٍ تستحقُ أن يُفرد لها بحثاً مستقلاً علها تأتي
بنتائجَ مدهشةٍ لمن يتوفر عليها .
![]() |
الشاعر / أحمد كامل |
لا أستطيع أن أنسى ذلك الزخم الحواري و النقاشي الذي دار
بيننا حين طالعنا "أحمد كامل" بنصه الذي مطلعه:
"أحد ..
"أحد ..
و لا أحد غيري
مفتوح له بوابة تاريخك الزحمة / تناقض"
و كيف كان "أحمد كامل" غاضباً حين رفض جميعنا
ذلك اللفظ "أحد" و أننا اعتبرناه اسماً مقدساً فيما اعتبره هو عادياً و
يحقُّ له استخدامه في التعبير عن ذاته ، و لما يزل ذلك النص – طيلة عقدٍ و نصف –
يمارس نفس الجدلية ، و لما يزل "أحمد كامل" يدافع عنه بنفس الآليات .
و لم يتوقف "أحمد كامل" عن إثارته للجدل طيلة
تلك السنوات و موقفه من قصيدة النثر و كاتبيها شاهدٌ على ذلك ؛ إنه لا يعتبرها
راقيةً حدَّ القصيدة ، بل هي عاديةٌ .. و عاديةٌ جداً .
"أحمد كامل" شاعرٌ له كاريزما تميزه ؛ فطوله
الفارع ، و نظراته الحادة ، و مواقفه المتشددة ، و عصبيته الزائدة ، و نفسه القلقة
، و سخريته من واقعه كلها أمور تؤهله بقوةٍ لأن يكون شاعراً صعب المراس ، و ربما
أخَّره ذلك على المستوى النقدي بالرغم من أنه وصل لذروة النضج الفني و الشعري .
و كان لدراسته الموسيقية أثرها البالغ في إثراء وجدانه الشعري
لكن من الغريب – و المدهش بآن- أنَّ قصائده حتى لحظتنا تلك يعتورها بعض الأخطاء
العروضية .. و بالرغم من ذلك فهي لا تشي بعيبها منذ الوهلة الأولى و كأنه يكتب
موشحةً أندلسيةً لا تعتمد الأوزان الخليلية قدر اعتمادها على الريشة و الوتر .. بل
إنه و في أحيانٍ كثيرةٍ يعتمد النبر أساساً كمياً جنباً إلى جنبٍ مع التغعيلة .
إنني و إن كنتُ أكتب هذي الشهادة لشاعرٍ تعاملت معه
إنسانياً و نقدياً إلا أنني أعتقد أنَّ شعره خير من يقدمه .. و كيف لشاعرٍ مثله
يغفل عنه النقاد ؟! في الوقت الذي هم فيه يحتفون بمن لا يرقون لنصف موهبته لا لشئ
سوى لأنهم من أصحاب القلوب الخفيفة .. و كذا العقول .
أحمد حنفي
18 أغسطس 2014
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق